الاتجاهات الأيديولوجية في نحت المصطلحات
عندما يتابع المرء مصطلحات منحوتة؛
يلاحظ أمورا تلفت الانتباه:
في الحالة العلمية، يسعى العلماء إلى نحت المصطلحات من واقع الحالة العلمية، أو من اسم صاحب الاكتشاف (الابتكار، الاختراع…) وغالبا ما توافق على ذلك، الهيئات العلمية والسياسية الحاكمة، والتي – عادة – هي شرعية في الأغلب (أو ذات مصداقية) استنادا إلى طبيعة الأسلوب الديمقراطي المُتّبع في حياة الشعوب الغربية …
أما مصطلحات في الحالة السياسية (والحزبية خاصة) فإن نحتها يخضع لآلية ذاتية، (ويمكن أن نسميها أيديولوجية أيضا). فهي تعكس عناصر ذاتية كثيرة في صياغتها.
مثلا: مصطلحات من نوع: الانقلاب، الثورة، الاشتراكية العلمية، الديمقراطية الشعبية، وعشرات منها… هي مصطلحات الحقبة السوفيتية وتلاميذها، كقوى حزبية متسلقة، استفادت من هذا الأسلوب في خداع شعوبها. بالعزف على أوتار حساسة في تركيبة النفس لديهم، وفي واقع حياتهم التعيسة، سواء لجهة حالتهم التي غلب أمية فيها ، أو لجهة حالة فقر يعيشونها، ومن ثم معاناة تثقل كواهلهم على كل صعيد.
مما يضعهم في حالة الذي يبحث عن مصدر ضئيل لمعيشته المتواضعة، فيفوّت ذلك عليه أية فرصة ممكنة للتفكير، وتحليل الأمور والأحداث… ومن ثم اتخاذ موقف على أساس من ذلك. وبدلا من ذلك، فهم ينساقون مع آمال وأحلام تجدّلها لهم جهاتٍ أتقنت اللعبة. وفصلت بين الواقع والأخلاق، وبين منظومة نظرية محترفة (أيديولوجية) أتقنوا امتهان صياغتها وفق الظروف والأحوال، بما يخدمهم. وفوّتوا الفرصة على مناخ فيه تنافس علمي على مقتضيات التطور في كل صعيد ومنها: “نحت المصطلحات”.
لذا نجد لديهم استسلاما عجيبا لأشخاص قادوا فكرهم بطريقة تكاد تلغي قوة تفكير مستقل لديهم، ضمن مفهوم مفاده: ((الماركسية مذهب كلي القدرة لأنه صحيح)).
ومن النظرة الأولى لملاحظ نبيه يجد الشعار مغالطة واضحة.
فأين الدليل على صحته، لتصبح صحته دليلا على كُلّيته ؟!
مع ذلك -لنكن منصفين-فإن التحليل الماركسي لقضايا السياسة والاقتصاد يستحق الوقوف عنده بعمق، لاصطفاء ما يخضع منها لنتائج أكدها العلم ، و تصلح أن تصاغ في قوانين اجتماعية تخدم المصلحة الإنسانية من جهة، وتكون معيارا -بمعنى ما-لاكتشاف مغالطات لا تخلو منها الأفكار الليبرالية والصيغة الديمقراطية (أو ما يُمارَس من مغالطات وأخطاء في أطرها).
ومن باب التوضيح مثلا، تسمية (جماعة 14 شباط) و (جماعة 14 آذار) في لبنان.
انهما تسميتان لجماعتين مختلفتين في التوجهات السياسية، ويستخدم كل طرف سياسي، الاسم الذي يخدم إيحاءات وتأثيرات تخدم مصالحه. وفي حالة تسميات جماعات متطرفة تزعم العمل بمنهاج الإسلام، هناك عشرات المصطلحات التي لا تعبر عن حقيقة واقعية (نحت المصطلح سياسيا دون مراعاة لحقيقة العناصر التي تكوّن المصطلح). وهذا يفقد المصطلح دلالة علمية معتمدة.
وفي هذه الحال ما على كل سياسي إلا أن يعتمد المصطلح الذي يوافق أيديولوجيته أو هواه.